لقد قال عالم اللغويات والدلالات السويسري فرديناند دي سوسير ذات مرة: "اللغة والعقل مثل وجهي الورقة: لا يمكن لأي منهما أن يوجد بدون الآخر." بالنسبة للعديد من أطفال الثقافة الثالثة، يتردد صدى هذا الاقتباس بعمق. فاللغة ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي أساس الهوية والانتماء الثقافي والوعي بحد ذاته.
في عالمنا المعولم بشكل متزايد، تُشكل اللغة نظرتنا لأنفسنا وللآخرين وللعالم من حولنا. فهي تُوفر لنا العدسة التي نفهم من خلالها التراث، ونعبر عن مشاعرنا، ونرتبط بتاريخنا. بالنسبة لأطفال الثقافة الثالثة الذين يتنقلون بين أطر ثقافية متعددة، فإن القدرة على التحدث بلغتهم الأم - أو أي لغة أخرى - أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
اللغة كأساس للهوية
بالنسبة لطلاب الثقافة الثالثة الذين نشأوا في الخارج أو في بيئات متعددة اللغات، فإن اللغة الأم أكثر من مجرد لغة أصلية. إنها لغة قصص عائلاتهم، وتقاليدهم الثقافية، وبيئتهم العاطفية. إتقانها يدعم التعبير عن الذات، والرفاهية العاطفية، والارتباط بالجذور. إنها، من نواحٍ عديدة، لغة التفكير الأكثر شخصية.
على حد تعبير الفيلسوف لودفيج فيتجنشتاين، "حدود لغتي تعني حدود عالمي." اللغة تمكن التفكير والتأمل والتعبير الدقيق - وإتقان لغات متعددة يفتح أبعادًا مفاهيمية وثقافية جديدة للمتعلم.
لماذا يُعد التعلم متعدد اللغات مهمًا للطلاب العالميين
بالنسبة للطلاب الذين يدرسون باللغة الإنجليزية بشكل أساسي، يُعدّ الحفاظ على إتقان لغتهم الأم، بل وحتى تعلم لغة ثالثة، أمرًا بالغ الأهمية. يدعم التنوع اللغوي ما يلي:
- التطور المعرفي: يظهر المتعلمون ثنائيو اللغة وثلاثيو اللغة مرونة ذهنية أكبر، ومهارات حل المشكلات، ووعيًا لغويًا أكبر.
- الطلاقة الثقافية: إن معرفة لغة الشخص تفتح له المجال للوصول إلى الأدب والتاريخ والأعراف الاجتماعية للثقافة الأصلية.
- الارتباط العاطفي: اللغة هي الوسيلة التي نشكل بها ونحافظ على الروابط مع العائلة والثقافة وإحساسنا بالذات.
- النجاح الأكاديمي: إن الأساس القوي في اللغة الأولى يدعم في كثير من الأحيان فهمًا أعمق للمفاهيم الأكاديمية في المواد واللغات الأخرى.
دور المدارس في دعم تنمية اللغة الأم
تتبنى المدارس الدولية اليوم مسؤولية دعم التعدد اللغوي كجزء من رسالتها في المواطنة العالمية. تقدم برامج اللغات الشاملة تعليمًا بلغات أم متعددة، إلى جانب خيارات اللغة الثانية أو الثالثة، مما لا يقتصر على الحفاظ على التراث اللغوي فحسب، بل يُثري تجربة التعلم عبر المناهج الدراسية.
تشجع هذه البرامج على التعرض اليومي للغة، وتنمية مهارات القراءة والكتابة المبكرة، وإتاحة فرص تطبيقها في مختلف التخصصات الأكاديمية. ويصبح تعلم اللغة جزءًا لا يتجزأ من الحياة المدرسية، بدءًا من الرياضيات والتاريخ، وصولًا إلى الثقافة الرقمية والحوار بين الثقافات.
الأفكار النهائية
اللغة هي رحلة مدى الحياة أوبس فيتا — التي تُشكل طريقة تفكيرنا وتواصلنا ونمونا. بالنسبة للمواطنين العالميين وأبناء الثقافة الثالثة، فإن الحفاظ على الطلاقة اللغوية المتعددة وتعزيزها ليس مجرد هدف أكاديمي، بل ضرورة شخصية وثقافية.
فيما يلي، تتشارك المدارس الدولية كيفية دعمها للحفاظ على اللغة الأم والتعلم متعدد اللغات من خلال مسارات لغوية مخصصة، والمشاركة المجتمعية، والتكامل مع المناهج الدراسية - مما يساعد الطلاب على تقبل أنفسهم أثناء الاستعداد لمستقبل متصل عالميًا.